| | |

اعتصام الغضب في نهر البارد.. لاجئون يحذرون: إمّا حقوقنا أو إغلاق مؤسسات الأونروا

فادية منصور – صدى

نفّذت الحركات الشعبية في مخيم نهر البارد صباح اليوم الاثنين، اعتصاماً أمام مكتب مدير خدمات الأونروا، احتجاجاً على سياسة التقليصات المستمرة في الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية، والمطالبة بحق اللاجئين الفلسطينيين في الحصول على جميع الخدمات الأساسية بشكل كامل.

الاعتصام يأتي في ظل نقص حاد في الخدمات منذ سنوات طويلة، ما يزيد من معاناة الأسر الفلسطينية في المخيم ويجعل حياتهم اليومية أكثر صعوبة.

مطالب اللاجئين: حقوق مهدورة وأزمات مستمرة

قال عماد لوباني خلال الاعتصام:”نحن اليوم محرومون من أبسط حقوقنا. الأونروا تدّعي تقديم الخدمات، لكن على أرض الواقع نحن محرومون من التعليم، والطبابة، والإغاثة، وكل ما يُفترض أن توفره الوكالة للاجئين. نحن هنا لنرفع صوتنا من أجل حقوقنا التي تُهدر يومياً.”

وأضاف لوباني أن دمج الصفوف في المدارس، الذي يصل إلى أكثر من 43 طالباً بالصف الواحد، يؤثر سلباً على جودة التعليم، بينما الخدمات الطبية تحتاج إلى “واسطة” للحصول على الموافقات اللازمة، وهناك نقص كبير في الأدوية الشهرية الأساسية.
“اللاجئ في المخيمات ينتظر الشؤون الاجتماعية لكي يتمكن من تأمين الغذاء لأسرته، وهذه حالة لا يمكن السكوت عنها. نحن نطالب الأونروا والجهات المسؤولة بحقوقنا الكاملة دون أي تقليصات.”

الحراك الشعبي: الاعتصام سلمي ورسالة للأونروا

أكد محمد أبو القاسم، مسؤول الحراك الفلسطيني في المخيم، أن الاعتصام جاء بطريقة سلمية للتعبير عن رفض استهداف اللاجئين وتقليص حقوقهم.

“اليوم نحتج لنوصل رسالتنا إلى الأونروا والدول المانحة ولكل من يعنيه الأمر بأن اللاجئ الفلسطيني يعيش حياة غير كريمة، ويعاني من الحرمان والذل نتيجة تقليصات مستمرة.”

وأشار إلى خطوات تصعيدية قادمة، حيث من المقرر تنظيم اعتصام شامل يوم الأربعاء أمام المكتب الرئيسي للأونروا في بيروت بمشاركة جميع المخيمات الفلسطينية، لضمان الاستجابة لمطالب اللاجئين.

مسؤوليات الأونروا والدولة اللبنانية
بدوره، أوضح مسؤول العلاقات السياسية في حركة الجهاد الإسلامي في الشمال: “ندرك حجم الضغوطات التي يفرضها الاحتلال على الأونروا، لكنها لا تبرر التخلي عن تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين. منذ 18 عاماً، لم يُعمر مخيم نهر البارد بالكامل بعد تدميره، ومع ذلك لا تزال الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية ناقصة بشكل كبير.”

وأشار إلى الإجراءات التعسفية الأخيرة التي تتبعها الأونروا، بما فيها فرض رسوم على المرضى ومنع رفع الصوت احتجاجاً على تقليص الخدمات، مؤكداً ضرورة تدخل المرجعية الفلسطينية والحكومة اللبنانية لتأمين حقوق اللاجئين.

التحذيرات والتصعيد المحتمل

قال الشيخ عبدالله شرقية، أمين سر التجمع الجديد في مخيم نهر البارد، “نرفع صرخة ضد تقليصات الأونروا على اللاجئين الفلسطينيين في نهر البارد، الذي يعاني من نقص الخدمات منذ 18 عاماً.”

وتابع: طالبنا الأونروا والاجهزة الرسمية بحقوق اللاجئين بشكل مستمر، ولكن للأسف لم نرَ أي استجابة فعلية. اليوم نحن نطالب بأفعال ملموسة لا مجرد أقوال، وإذا لم يتم تلبية هذه الحقوق فإن مراكز الأونروا ستتحول إلى مراكز احتجاج واسعة. نحن نحذر من عواقب استمرار التجاهل والإهمال، ونؤكد أن صبر اللاجئين له حدود.”

وأضاف الشيخ عبدالله:”المخيم ليس مجرد مساحة جغرافية، بل حياة الناس ومستقبل أطفالهم، وحرمانهم من أبسط الحقوق يجعلنا مضطرين لتصعيد الاحتجاجات وصولاً إلى ضمان حقوق كل عائلة فلسطينية هنا.”

وتابع محذراً: “هناك 3600 عائلة في المخيم الجديد. لن أستطيع ضبط الناس كثيراً. إن لم تتحرّك الدولة اللبنانية والسفارة الفلسطينية، فسنشهد ثورة جياع، وقد تتحول مؤسسات الأونروا إلى مراكز إيواء.”

كما أعرب زاهر جنداوي، أحد المشاركين في الاعتصام عن رفضه الكامل لأسلوب الأونروا في التعامل مع الاعتصامات السلمية: “نعتصم دائماً بطريقة سلمية وهادفة، لكن الأونروا تتبع أسلوباً جديداً يقوم على التهديد والاعتقال عند إغلاق المكاتب احتجاجاً على سياسة التقليصات.

هذه الإجراءات التعسفية تهدف إلى كبت صوت اللاجئين، لكنها لن توقفنا عن المطالبة بحقوقنا المشروعة. نحن نؤكد على ضرورة أن يسمع العالم صوت اللاجئ الفلسطيني، وأن يعرف أن حقوقه مهدورة، وأن هناك أزمة حقيقية في المخيمات تتطلب حلاً فورياً.”

وأضاف زاهر جنداوي:إذا استمر تجاهل هذه الحقوق، فإن هذا سيفجر غضباً شعبياً واسعاً، ونحن على استعداد لاتخاذ خطوات تصعيدية سلمية لكنها حازمة لضمان حصول اللاجئين على حقوقهم كاملة.

الوضع الإنساني الراهن

يعكس هذا الاعتصام تصاعد الغضب بين سكان المخيمات الفلسطينية شمال لبنان، في ظل استمرار تقليصات الأونروا في الخدمات الأساسية وغياب الحلول الجذرية من الجهات المسؤولة. ويؤكد اللاجئون أن مطالبهم ليست رفاهية، بل حقوقاً أساسية لتأمين حياة كريمة، خاصة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والإغاثة.

ويحذر الناشطون الفلسطينيون من أن استمرار تجاهل هذه المطالب قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في الاحتجاجات، مما يضع الأونروا والجهات المعنية أمام مسؤولية مباشرة في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

إنذار مفتوح

أجمع المتحدثون على أن ما يجري هو الإنذار الأخير للأونروا، فإما إعادة الحقوق للاجئين الفلسطينيين والالتزام بمهامها، أو الذهاب نحو خطوات تصعيدية تشمل إغلاق مؤسسات الوكالة بشكل كامل في مخيم نهر البارد وربما سواها.

موضوعات ذات صلة