| |

إغلاق مخيم البداوي يفاقم المعاناة الإنسانية

فاديا منصور _صدى
شهد مخيم البداوي احتجاجات واسعة شارك فيها العشرات من الأهالي، حيث أُشعلت الإطارات عند مداخل المخيم تعبيرًا عن رفضهم للإغلاق المفروض منذ أسابيع، والذي قيّد حركة السكان وزاد من معاناتهم اليومية.

الأهالي رفعوا شعارات تطالب الجيش اللبناني بفتح الطرقات وتسهيل مرور الناس، خاصة بعد أن أصبحت حياتهم اليومية أشبه بالعزلة. حيث أثر هذا الإغلاق على كل تفاصيل حياتهم: التعليم، والتنقّل، والعلاقات الاجتماعية، وحتى الحالات الصحية الطارئة.

تأثير الإغلاق على الحياة اليومية

تقول الحاجة أم محمود، وهي من سكان حي خليل الرحمن : “ان الإغلاق أثر علينا بشكل كبير في حياتنا، إذا بدنا ننزل عالسوق بدنا نلف لفة، بدنا أكثر من نص ساعة لنوصل نجيب غراضنا والرجعة رح تاكل معنا وقت اطول لإن أكيد حملين غراض ورح يكون التعب مضاعف.

وتابعت: إذا حدا مرض بدك تضطر تمشي مسافة كبيرة لتوصل لشارع وتلاقي سيارة او تتصل بسيارة وتيجي عندك، بهذا الوقت ممكن المريض يموت قبل ما يوصل عالمستشفى.”

وتضيف بصوتٍ متعب: “طلاب المدارس والروضات تأثروا كثيراً، كانوا ينزلوا ويطلعوا بسهولة، بس هلأ صاروا في لفة طويلة كثير ليوصلو عالمدرسة، صار بدن باصات او سيارات لتوصلن او يروحو قبل بوقت ليقدرو يوصلو.

وتابعت: حتى العلاقات الاجتماعية تأثرت صرنا نحس حالنا بعزلة، ما رح يكون في زيارات، ولا اختلاط. أنا عندي أخوي ساكن تحت بالمخيم، صار لازم اروح بسيارة حتى ازوره وأشوفه، وهو نفس الشيء. هذا ظلم بحد ذاته، مش عدل ولا قانون.”

وتتابع الحاجة أم محمود مطالبتها بلهجة فيها وجع:”نحنا ما بدنا شي كبير، بس يفتحوا طريق صغير للمخيم، المهم يضل في طريق، الناس لازم تتحرك، الحياة لازم تكمل.”


الطلاب والعلاقات الاجتماعية تحت الضغط

أما مصطفى عطور، فيشرح كيف انعكس الإغلاق على الطلاب والعلاقات الاجتماعية قائلاً: “الإغلاق أول شي أثّر على الطلاب. صاروا مضطرين يلفوا لفة كبيرة من طريق الجبل حتى يروحوا عالمدرسة. الطريق اللي كانت تأخذ معاهم دقيقتين صارت تأخذ ربع ساعة وأكثر، الطريق هاي كلها كلاب وطريق صعبة.”

ويضيف بحسرة: “جاري يلي أنا متربي معه، حطوا حائط بيني وبينه. المكان اللي أنا تربيت فيه صار في حيط بيني وبينه، فأكيد هذا الشي بيأثر سلبًا وبيفكك المجتمع. هذا جدار عنصري ما فينا نتحمله.”

ويقول مصطفى إن الأهالي لا يرفضون وجود الأمن، لكنهم يطالبون بحلول منطقية: “نحنا منقول اذا بدهم يسكروا المعابر للسيارات ماشي، بس يتركوا ممر للناس. يخلوا طريق يمر فيه شخص واحد، بدل ما نسكر كل المنافذ. بدنا نعيش مثل الناس، مش محاصرين داخل مخيمنا.”

تعاطي أمني يفاقم المعاناة الإنسانية

من جهته، عبّر أحمد خليل، عن غضبه من طريقة التعاطي مع سكان المخيم قائلاً: اغلاق الطرق يلي بتوصل على حي خليل الرحمن على المخيم أذى إلنا كتير. اليوم اللي ابنه بدو ينزل على المدرسة صار بدو يمشي كيلومتر كامل. واللي بدو يروح على الأونروا أو عالجامه صار يتعذب كثير. ونحنا جايين على شتوية والبرد وبترك للناس تتخيل شو ممكن يصير.”

ويضيف بانفعال واضح: “صار التعاطي معنا بمنظور أمني، ما عاد في شي اسمه اجتماعي أو إنساني. نطلب من سياسة الجيش إنه يتعاطى معنا بجانب إنساني شوي، لأنه ما في أي إحساس إنساني بالتعامل الحالي. كأنه مخيم البداوي صار بؤرة إرهابية، وهذا ظلم.”

ولم يُخفِ استياءه من وكالة الأونروا، قائلاً: “الأنروا اليوم ما عم تسأل عن الشعب الفلسطيني، ولا سائلين عنا 1%. صرنا نحس حالنا منسيين تمامًا. نحنا مش طالبين كتير، بس بدنا وقفة إنسانية حقيقية معنا.”

مطالب واضحة: طريق مفتوح للمشاة

في ختام حديثهم، أجمع الأهالي على مطلبٍ واحد وواضح: “بدنا طريق مفتوح للمشاة، طريق يمشوا فيه الناس حتى لو ظل التسكير على السيارات. المهم نقدر نتحرك، نعيش حياتنا طبيعي. الإغلاق عم يخنقنا، واللي بيصير ظلم كبير بحق الناس اللي عايشة هون.”

وأكدوا أن استمرار الإغلاق سيؤدي إلى مزيد من التوتر والمعاناة الإنسانية، داعين الجيش اللبناني والجهات المعنية إلى فتح الطريق بشكل عاجل، وإلى التعامل مع سكان المخيم بإنسانية واحترام، وليس بعقلية أمنية.

أهالي مخيم البداوي يواجهون إغلاقًا مستمرًا يعوق حياتهم اليومية ويزيد من معاناتهم في التنقل، التعليم، والعلاقات الاجتماعية. مطالبهم الأساسية واضحة: فتح ممر للمشاة يضمن حرية الحركة مع الحفاظ على الإجراءات الأمنية، واستعادة الجانب الإنساني في التعامل مع المخيم. استمرار الإغلاق دون استجابة يهدد استقرار المجتمع المحلي ويضاعف الضغط النفسي والإنساني على السكان. فهل ستستجيب الجهات المعنية لمطالب الأهالي قبل أن تتفاقم الأزمة الإنسانية في المخيم؟

موضوعات ذات صلة