وُلد الشهيد أحمد ياسين عماد عثمان لأسرة فلسطينيّة هجّرها الاحتلال من بلدة عمقا قضاء عكّا؛البلدة التي لم يشاهدها، وغدت جزءًا من ذاكرةٍ يحنّ إليها قلبه رغم بعده عن وطنه. في الغربة واللجوء، ظلّت صورة الأرض الأم حيّة في روحه، وحلم العودة حاضرًا في كل لحظة.
ولأن والده عماد عثمان أراد أن يحمل ابنه اسم قائدٍ عظيم، وأن يكبر وفي قلبه ما يشبه إجابة على سؤال الوطن فقد أصرّ على أن يمنح ابنه اسمًا يليق بحلمه الكبير، فاختار له اسم “أحمد ياسين عثمان”، تيمّنًا بشيخ فلسطين ومؤسس حركة حماس الشهيد أحمد ياسين، بعد أن رُزق به في مستشفى الهمشري في صيدا.
روح تبث الطمأنينة
كان قائدًا يحتذي به الأطفال كما يقول والده عماد عثمان ، يبتسم لهم بصدق، ويمنحهم شعورًا بالأمان والطمأنينة كما لو كانت يده تمتد لتحتضن قلوبهم الصغيرة.
أما صوته الشجي وكلماته الدافئة تحكي عن وطن مسلوب سيعود يوما، كانت تعكس حبه العميق لفلسطين وانتماءه الصادق، وكأن روحه الصغيرة تقول للجميع: “لن ننسى وطننا مهما ابتعدنا عنه”.

رفيق الدرب… الابتسامة التي لا تُنسى
يروي صديقه محمد عثمان عن أحمد قائلاً ” كان أحمد مثالًا للطيبة وحسن الخلق في تعامله مع الجميع، سواء مع أصدقائه أو مع أهل المخيم، لم يسمع عنه أحد كلمة سيئة، وابتسامته لم تفارق وجهه أبدًا، وكأن ضحكته تمنح من حوله شعورًا بالراحة والسعادة.
في كل نشاط أو تجمع كان من بين أول الحاضرين، وإذا اضطر للغياب كان يعتذر بصراحة، وكأن قلبه يريد أن يكون حاضرًا لكنه لم يستطع، فيقول: ‘سامحوني، ما قدرت أكون معكم’.
مضيفاً أن “حياته مع أصدقائه كانت مليئة بالدفء والمحبة، وكل كلامه كان ذكرًا للّه، ودوماً كان يجيب على أي طلب بابتسامة: ‘من عيوني، وأبشر وتكرم عيونك’، صراحة، مهما تحدثنا عن أحمد، لا نوفيه حقه، وسيبقى حاضرًا في قلوبنا كرمز للوفاء والمحبة.”.
حياة الخير… أثر يبقى في القلوب
لم يكن أحمد عثمان، محبوبًا فقط بين أهل المخيم، بل يحمل الخير إلى الناس كما يحمل الشباب أحلامهم وكان يوزّع التمر والمياه في رمضان قبل الإفطار، وكأنه يُصرّ على أن يترك أثرًا صغيرًا من نور في قلوب الجميع.
ويروي عمّه سمير عثمان أنّه كان يتمتّع بأخلاق عالية، وأن كل من عرفه يشهد له بحسن معاملته وشغفه بالمبادرات:“كان محبًّا للخير… قلبه أبيض… والكلّ يشهدلو”.
أحمد ياسين عثمان … نجم نادي العهد الرياضي

لم تكن الرياضة بالنسبة لأحمد مجرد لعبة؛ بل كانت رسالة تعبر عن الإصرار والتفاني والشغف بالحياة.، كان عاشقًا للرياضة حيث كان عضواً في نادي العهد الرياضي متميزاً كلاعب كرة قدم موهوب، أظهر مهاراته وروحه التنافسية التي ألهمت زملاءه وأحباءه.
وأمام منزله، تزينت صورة كبيرة له وهو يحمل كأس بطولة كرة القدم، تعكس فرحة شاب أحب الحياة كما أحب فلسطين، وترك أثره الجميل في كل من عرفه.
شاهد وشهيد… وذكريات باقية
استشهد أحمد، لكن ذكراه بقيت كنبضٍ في صدر المخيّم، شاب أحبّ الحياة، وتشبّث بالعمل والحلم، قبل أن تخطفه يد الغدر الاسرائيلية فجأة.
ترك وراءه وجعًا كبيرًا، لكنه ترك أيضًا ما هو أعمق: قصة شاب آمن بالوطن حتى اللحظة الأخيرة.