وُلد محمد عامر خليل في مخيم عين الحلوة لأسرة فلسطينية هجّرها الاحتلال من بلدة الصفصاف، نشأ في الأزقّة الضيّقة، حيث تتلاصق البيوت مثل قلوب أهلها، وهناك تعلّم المحبة والصبر وحكايات وطن المحفورة في الذاكرة والوجدان.
شخصية هادئة… وقلب يلتقط القصص
يروي شقيقه رامي خليل لموقع صدى أنّ محمد كان يستمع أكثر مما يتحدث، ويلتقط الحكايات من أفواه الرجال، مصغيًا لقصص المخيم وكأنّه يخزّن تاريخًا كاملاً في ذاكرة صغيرة لكنها واسعة.
تميز محمد بقوة الشخصية كما يقول كل من عرفه، وكان محبًا للصغار وخلوقًا مع الجيران، كما لم يتردد في خدمة أهله وأقاربه. بعد وفاة والده، وجد نفسه مضطرًا للنضوج بسرعة، حاملاً إرث أبيه بصمت وهدوء.

أمنيـة لم تكتمل
حلم محمد بتعلّم قيادة السيارة، وألحّ على شقيقه الأكبر رامي ليعلّمه ذلك حتى يتمكن يومًا ما من شراء سيارة، لكن الاحتلال الإسرائيلي اغتال تلك الأمنية قبل أن تتحقق.
عشق فلسطين… منذ خطواته الأولى
يقول صديقه أحمد الحاج أنّهما نشآ معًا على حب وعشق فلسطين، وما يميز محمد أنه كان يحب تأمل حدود فلسطين من منطقة مروان الراس اللبنانية، يشعر بروح متصلة بالأرض التي حُرم من دخولها، ومع كل قرب من حدودها، تعلّقت روحه بها أكثر.

أحب محمد الأناقة والترتيب، وشغف بالتصوير الفوتوغرافي وكرة القدم، مخصصًا يومين أسبوعيًا للعب مع أصدقائه، وقد حجز موعدًا لمباراة كرة قدم، لكنه استشهد قبل يوم واحد فقط منها.
قائد كشفي… وأخ أكبر للصغار
لم يكن محمد مجرد قائد كشفي في مجموعة جنين في مخيم عين الحلوة، بل اهتم بالأشبال من سن ست إلى عشر سنوات، يرشدهم ويعتني بهم كأخ أكبر بمسؤولية ومحبة.
حفظ القرآن من أولوياته
مواظبته على الصلاة وحفظ القرآن عزّزت شخصيته، وكان يواصل حفظ القرآن بجدّ، حيث كانت آخر سورة يعمل على إتمامها قبل استشهاده هي سورة البقرة، كما كان يوقظ أصدقاءه لصلاة الفجر، ويخصص يوم الأحد لتعليم الأطفال حفظ القرآن الكريم.
عطاء لا يعرف التوقّف
عرف محمد بالأمانة والصدق وحب الخير، مقدّمًا المساعدة للفقراء والمحتاجين دون أن يطالبه أحد بذلك.
لم يكن مجرد اسم عابر، بل أصبح مثالًا للشجاعة والنخوة، يغرس الحب في المخيم كما تنبت الشجاعة في القلوب.

الشهادة… وصدى يسكن المخيم
هكذا عاش واستشهد محمد، تاركًا وراءه صدى خطواته في الأزقة وذكرى شاب كبر قبل أوانه.
ورغم رحيله، بقيت سيرته حيّة، وابتسامته معلقة على باب منزله، كأنها تقول:”إن الذين يحبّهم المخيم… لا يرحلون أبدًا.”